أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر المقالات

ما هي البنوك التشاركية بالمغرب

نظرة مفصلة حول البنوك التشاركية بالمغرب، التاسيس و التاطير القانوني و التشرعي
انطلقت البنوك التشاركية بالمغرب رسميا سنة 2017، حيث باشرت تقديم خدماتها البنكية ومنتجاتها التمويلية المتوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية، معلنة بذلك ولادة عهد جديد من الصيرفة الإسلامية داخل المنظومة البنكية بالمغرب. وقد جاء تأسيس هذه البنوك بعد استكمال كافة المشاورات وإرساء الاطر القانونية والشرعية من طرف بنك المغرب والمجلس العلمي الأعلى، وذلك استجابة للطلب المتزايد على الخدمات المصرفية والبدائل التمويلية الخالية من الفوائد الربوبية، ورغبة في الانفتاح على مبادئ الاقتصاد الإسلامي القائم على الشفافية والتكافل.

ما هي البنوك التشاركية؟

البنوك التشاركية، او ما يسمى في باقي الدول "البنوك الإسلامية"، هي مؤسسات مالية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، مما يعني أنها تتجنب المعاملات التي تحتوي على الربا أو الفائدة، وتلتزم باستثمار اموالها وودائع الزبناء في الانشطة المشروعة. تعتمد هذه البنوك على نماذج تمويلية مثل المرابحة والإجارة والمشاركة، والتي تقوم على مبدأ الشراكة وتقاسم الربح والخسارة بين البنك والعميل.

أهمية البنوك التشاركية في السياق المغربي والعالمي

تسعى المملكة المغربية من خلال هذه التجربة الحديثة من المالية التشاركية الى توفير بيئة مناسبة تساعد على جلب الاستثمارات الخليجية وتمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة، قصد تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والرفع من نسبة النمو، كما تسعى الى تطوير النظام المالي ليشمل جميع شرائح المجتمع، وتوفير بدائل للبنوك التقليدية والتمويل البنكي التقليدي المرتبط أساسا بسعر الفائدة.
ويعول على هذه البنوك في تعزيز الشمول المالي، لا سيما وانها توفر خدمات مالية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومبادئ الاقتصاد الإسلامي، وتخضع للرقابة البنكية من لدن البنك المركزي (بنك المغرب) والرقابة الشرعية من لدن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية التابعة للمجلس العلمي الأعلى، كأعلى سلطة دينية في البلاد والجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتوى حسب نص الدستور.

العلاقة بين البنوك التشاركية والاقتصاد الإسلامي

يعد الاقتصاد الإسلامي منظومة متكاملة ومنسجمة من العمليات الاقتصادية المطابقة للشريعة الإسلامية والمستمدة من القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو نظام اقتصادي قائم الذات فرض وجوده من بين الأنظمة الاقتصادية خلال النصف الأخير من القرن الماضي، ابان الصحوة الاسلامية التي تلت استقلال مجموعة من البلدان العربية في الشرق الأوسط وجنوب شرق اسيا، حيث قدم بديلا للمنظومة الرأسمالية الشرسة التي كانت وراء الازمات المالية العالمية المتتالية والاختلالات التي كانت تطبع العلاقات الدولية.
يرتكز الاقتصاد الإسلامي على مجموعة من الهياكل التي تتفاعل وفق نسق محدد يجمع بين المصرف المركزي والمصارف الإسلامية (البنوك التشاركية)والصناديق الاستثمارية وصناديق الزكاة الوقف والتأمين التكافلي والأسواق المالية الإسلامية. وبالرغم من ان التجربة المغربية تعرف غياب بعض العناصر كالصناديق الاستثمارية والأسواق المالية الإسلامية، الا انها قطعت اشواطا مهمة في الصيرفة الإسلامية مع انتشار البنوك التشاركية عبر ربوع المملكة وظهور التامين التكافلي.

البنوك التشاركية بالمغرب

ما هي البنوك التشاركية بالمغرب 

البنوك التشاركية بالمغرب هي مؤسسات مالية تخضع للقانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وتزاول أنشطة بنكية كتلك التي تزاولها الابناك التقليدية مثل فتح الحسابات وتلقي الودائع وتمويل المشاريع... الا انها تعمل وفق قواعد الشريعة الإسلامية، أي ان كل هده الأنشطة البنكية لا ترتبط باي شكل من الاشكال بالفائدة، اخذا او عطاء، وتقدم بدلا من ذلك صيغا تمويلية مثل المرابحة والإجارة والمضاربة...
وحسب ذات القانون، تُعرف البنوك التشاركية بأنها "الأشخاص الاعتباريون المؤهلون لمزاولة الأنشطة المالية والتجارية والاستثمارية، بشرط الحصول على رأي بالمطابقة من المجلس العلمي الأعلى، وألا تؤدي تلك الأنشطة إلى تحصيل أو دفع فائدة".
في مطلع سنة 2017، وبعد استكمال كل المشاورات واللقاءات المخصصة للنظر في الاحكام المؤطرة لعمل هذه البنوك وطرق اعتمادها ودمجها في النظام المالي الوطني، وبعد صدور الآراء بالمطابقة للشريعة الإسلامية من لدن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية لدى المجلس العلمي الأعلى، أسست خمسة بنوك تشاركية وهي: بنك الصفا، وامنية بنك والاخضر بنك وبنك اليسر وبنك التمويل والانماء، وجميعها شراكات بين بنوك محلية ومؤسسات إسلامية خليجية، وثلاث نوافذ تشاركية وهي: دار الأمان ونجمة والرضى تابعة للبنوك التقليدية.
وتجدر الإشارة الى انه بالرغم من ان النوافذ التشاركية تابعة للأبناك التقليدية، الا انها تخضع للرقابة ذاتها التي تخضع لها البنوك التشاركية.

البنوك والنوافذ التشاركية المعتمدة بالمغرب

البنوك والنوافذ التشاركية المعتمدة بالمغرب

لماذا تسمى "البنوك التشاركية" بدل "البنوك الاسلامية" في المغرب؟

منذ ظهور الصيرفة الإسلامية في العديد من الدول، كثيرا ما يطلق على البنوك التي تقدم منتجات مالية متوافقة مع الشريعة اسم "الابناك الإسلامية"، الا ان القائمين على التجربة في المغرب، ارتأوا الى تسميتها ب «البنوك التشاركية او "المالية التشاركية" بشكل عام، وذلك لكون هذه البنوك تعمل وفق مبدا التشارك في الربح والخسارة بين الزبون والبنك. ثم ان الحديث عن بنوك اسلامية وسط منظومة بنكية تضم على حد سواء صنفين من البنوك، كثيرا ما يولد نوعا من الحرج لدى جمهور البنوك الكلاسيكية، ولتجنب هذا الحرج سميت الاولى بنوكا تقليدية والثانية بنوكا تشاركية

الفرق بين البنوك التشاركية والبنوك التقليدية

تضم المنظومة البنكية بالمغرب صنفين من البنوك يختلفان اختلافات جوهرية من حيث المنتجات المالية التمويلية والضوابط القانونية والتشريعية المؤطرة.
مقارنة بين البنوك التشاركية و البنوك التقليدية

لمحة تاريخية عن البنوك التشاركية بالمغرب

تطور التمويل الإسلامي في العالم

منذ مطلع القرن الماضي، استأثرت المالية التشاركية الإسلامية بكثير من الاهتمام في مختلف البقاع في العالم، ورأت النور مؤسسات مالية اسلامية بالهداف اجتماعية محضة او مالية ربحية، وتصاعدت دعوات "لأسلمة" الأنظمة المصرفية في بعض الدول الاسلامية، الا ان معظم هذه المبادرات لم يكتب لها النجاح، اذ لم تتوفر لها الشروط والظروف المواتية للتطور، ولم تنتقل أفكارها بالسلاسة المطلوبة من مجال التنظير الى واقع التطبيق.
وتعد أول تجربة ناجحة للمالية التشاركية في العالم الإسلامي، تأسيس بنك دبي الإسلامي وبنك دبي للتنمية سنة 1975، ثم بعد ذلك بنك فيصل الإسلامي في السودان ومصر سنة 1977، وبيت المال الكويتي في الكويت، وسرعان من انتشرت المالية الإسلامية لترخي بظلالها على دول شرق اسيا والخليج وشمال افريقيا ودول أوروبية كفرنسا وبريطانيا، وتمكنت بعض الدول من اعتماد أنظمة مالية إسلامية بالكامل كإيران وباكستان والسودان.

مراحل تـأسيس البنوك التشاركية بالمغرب

من الملاحظ ان المغرب عرف تأخرا كبيرا في الالتحاق بركب المالية الإسلامية، على الرغم من تصاعد الدعوات الى توفير بدائل مالية تتمشى مع القيم الإسلامية وتفتح افاقا جديدة امام فئات من المجتمع، الا انا السلطات المالية في البلاد ارتأت الى السير بخطى ثابتة ودراسة التجارب السابقة وتمحيصها والاستفادة من أخطائها، واستكمال كل التشريعات اللازمة، بما يضمن بناء مالية تشاركية متماسكة ودمجها في النظام المالي المغربي.
وفيما يلي نستعرض اهم المحطات الي طبعت بناء المالية التشاركية بالمغرب:
مراحل تـأسيس البنوك التشاركية بالمغرب

الإطار القانوني والتنظيمي للبنوك التشاركية

بفضل العمل المشترك بين بنك المغرب والمجلس العلمي الأعلى والسلطات التشريعية، استطاعت البنوك التشاركية والنوافذ التشاركية إيجاد موطئ قدم في النظام البنكي المغربي، وذلك بعد صدور القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكماها وما تلاه من منشورات والي بنك المغرب والآراء بالمطابقة الصادرة عن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية. وتكمن أدوار مختلف المتدخلين فيما يلي:

دور بنك المغرب

يعد بنك المغرب -البنك المركزي للملكة المغربية- المؤسسة المسؤولة عن مراقبة النظام البنكي والمالي و تنفيد السياسات النقدية وضمان استقرار الأسعار، وقد ساهم بشكل كبير في دمج البنوك التشاركية والنوافذ التشاركية في النظام البنكي من خلال بلورة مجموعة من القوانين والمنشورات كان من أهمها:

القانون 103.12 الخاص بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها

خصص القانون 103.12 الخاص بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكماها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 193-14-1. بتاريخ فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر 2014) الجزء الثالث لوضع القواعد التشريعية للأبناك التشاركية، من المادة 54 الى المادة 70 بما مجموعه 17 مادة مفرقة على ثلاثة أبواب، يضم الباب الأول احكام التطبيق، والباب الثاني هيئات المطابقة، والباب الثالث احكاما مختلفة.

منشور والي بنك المغرب رقم 1/17 الصادر في 27 يناير 2017

ويتعلق بالمواصفات التقنية لمنتجات المرابحة والإجارة والمشاركة والمضاربة والسلم، وكذا كيفيات تقديمها للزبناء.

منشور والي بنك المغرب رقم 2/17 الصادر في 27 يناير 2017

ويتعلق بشروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع الاستثمارية من قبل البنوك التشاركية وغيرها من مؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها

منشور والي بنك المغرب رقم 3/17 الصادر في 27 يناير 2017

ويتعلق بتحديد شروك وكيفيات مزاولة البنوك للأنشطة والعمليات التي تقوم بها البنوك التشاركية

دور المجلس العلمي الأعلى

المجلس العلمي الأعلى مؤسسة دستورية قانونية، تتمتع بالاستقلالية المالية والمعنوية وتصدر قرارات ذات طابع رسمي (الفصل 41 من الدستور المغربي)، ويلعب دورا مهما في وضع الرقابة الشرعية من خلال إبداء الرأي بشأن مطابقة الأنشطة والعمليات التجارية والمالية والاستثمارية التي تقوم بها البنوك التشاركية والنوافذ التشاركية، لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وقد احدثت لهذا الغرض اللجنة الشرعية للمالية التشاركية.

دور اللجنة الشرعية للمالية التشاركية

أحدثت اللجنة الشرعية للمالية التشاركية بموجب الظهير شريف رقم 1.15.02 ‏صادر في 28 ‏ من ربيع الأول 1436 (20 ‏يناير 2015) وهو تتميم للظهير الشريف رقم 1.03.300 صادر في 2 ربيع الأول 1425، (22 أبريل 2004) بإعادة تنظيم المجالس العلمية، وتتألف من منسق اللجنة وتسعة (9) أعضاء من العلماء الفقهاء المشهود لهم بالمعرفة الراسخة والإلمام الواسع بأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وبالقدرة على الإفتاء وبيان حكم الشرع في القضايا المعروضة عليها، حيث تقوم اللجنة بالمهام التالية:
  • · إبداء الرأي بشأن مطابقة المنتوجات المالية التشاركية التي تقدمها مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها لزنائها. ونماذج العقود المتعلقة بهذه المنتوجات، لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها؛
  • · إبداء الرأي بشأن مطابقة مضمون المناشير التي يصدرها والي بنك المغرب لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، المتعلقة بالمنتوجات المالية التشاركية، والودائع الاستثمارية، والعمليات التي ينجزها صندوق ضمان ودائع البنوك التشاركية؛
  • · إبداء الرأي بصفة خاصة بشأن مطابقة عمليات التأمين التكافلي التي تقوم بها مقاولات التأمين وإعادة التأمين، في إطار المالية التشاركية، لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها؛
  • · إبداء الرأي بشأن مطابقة عمليات إصدار شهادات الصكوك؛
ويعد احداث هذه اللجنة من اهم العوامل التي ميزت الصناعة المالية التشاركية بالمغرب عن نظيرتها في العالم، حيث تستفرد هذه اللجنة الممركزة بمهمة الإفتاء الشرعي في شان مطابقة العقود والمنتجات المالية التشاركية لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، كما تتمتع بالاستقلالية التامة عن بنك المغرب وعن المجالس الادارية للبنوك التشاركية، ولا يحدث التواصل بينها وبين البنوك التشاركية الى عن طريق بنك المغرب، بالإضافة الى ان الآراء الصادرة عنها تكتسي طابع الإلزامية بقوة القانون.
كل هذه المواصفات أضفت على التجربة المغربية مزيدا من الحكامة والشفافية في سبيل الالتزام بتعاليم الدبن الإسلامي الحنيف، وخلق بيئة تنافسية عادلة بين المؤسسات البنكية.

وظيفة المطابقة الشرعية داخل الأبناك التشاركية

بالإضافة الى الرقابة الشرعية الخارجية التي يسهر عليها المجلس العلمي الاعلى، ألزم المشرع حسب المادة 64 من القانون 103.12 الخاص بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، البنوك التشاركية بإحداث وظيفة للتدقيق والمراقبة الداخلية لمطابقة عملياتها وأنشطتها لآراء المجلــس العلمــي الأعلى، اسماها "وظيفة التقيــد بــآراء المجلــس العلمــي الأعلى" وتقــوم بالمهام التالية:
  • · التعـرف علـى مخاطـر عـدم مطابقـة العمليات والانشـطة لـآراء بالمطابقـة التـي يصدرهــا المجلــس العلمــي الأعلى؛
  • · ضمـان تتبـع وتطبيـق لـآراء بالمطابقـة الصـادرة عـن المجلـس العلمـي الأعلى ومراقبـة احترامهـا؛
  • · السهر على وضع واحترام الدليل والمساطر الواجب احترامها؛
  • · التوصيــة باعتمــاد التدابيــر المطلوبــة فــي حالــة عــدم احتــرام مؤكــد للشــروط المفروضـة عنـد تقديـم منتـوج للجمهـور صـدر فـي شـأنه عـن المجلـس العلمـي الأعلى رأي بالمطابقــة؛
  • · تقديم تقرير سنوي الى بنك المغرب عن كل الأنشطة التجارية للبنك.

المنتجات والخدمات التي تقدمها البنوك التشاركية

بالإضافة الى الخدمات المالية والمصرفية التي تلبي حاجيات الأفراد والشركات والإدارات، من فتح للحسابات البنكية وتوفير بطائق السحب والدفع الالكتروني واجراء التحويلات المالية الداخلية والخارجية وتوفير وسائل الدفع الالكترونية، تقدم البنوك التشاركية الخدمات المالية الإسلامية التالية:

المرابحة

وهي عقد يبيع بموجبه بنك تشاركي منقولا او عقارا محددا في ملكيته، لعميله بتكلفة الشراء مضاف اليها هامش ربح متفق عليه مسبقا، وتشكل حجر الزاوية في الصناعة المالية التشاركية بالمغرب، اذ تستحوذ عل نسبة مهمة من معاملات البنوك التشاركية لا سيما في مجال العقارات وشراء السيارات.

الإجارة

وهي كل عقـد يضـع بموجبـه بنـك تشـاركي، عـن طريـق الإيجار، منقولا أو عقـارا محددا وفـي ملكيـة هـذا البنـك تحـت تصـرف عميـل قصـد اسـتعمال مسـموح بـه قانونا.
تكتسي الإجارة أحد الشكلين التاليين:
· إجارة تشغيلية عندما يتعلق الأمر بإيجار بسيط؛
· إجــارة منتهيــة بالتمليــك عندمــا تنتهــي الإجارة بتحويــل ملكيــة المنقــول أو العقــار َ المســتأجر للعميــل تبعــا للكيفيــات المتفــق عليهــا بيــن الطرفيــن.

المشاركة

كل عقــد يكــون الغــرض منــه مشــاركة بنــك تشــاركي فــي مشــروع قصــد تحقيــق ربــح.
يشـارك الأطراف فـي تحمـل الخسـائر فـي حـدود مسـاهمتهم وفـي الأرباح حسـب نسـب محـددة مسـبقا بينهـم.
تكتسي المشاركة أحد الشكلين التاليين:
· المشــاركة الثابتــة: يبقــى الأطراف شــركاء إلــى حيــن انقضــاء العقــد الرابــط بينهــم؛
· المشاركة المتناقصة: ينسحب البنك تدريجيا من المشروع وفق بنود العقد.

المضاربة

كل عقــد يربــط بيــن بنــك أو عــدة بنــوك تشــاركية (رب المــال) تقــدم بموجبــه رأس المــال نقــدا أو عينــا أو همــا معــا، ومقــاول أو عــدة مقاوليــن (مضــارب) يقدمــون عملهــم قصــد إنجــاز مشــروع معيــن. ويتحمــل المقــاول أو المقاولــون المســؤولية الكاملـة فـي تدبيـر المشـروع. يتـم اقتسـام الأرباح المحققـة باتفـاق بيـن الأطراف. ويتحمــل رب المــال وحــده الخســائر إلا فــي حالات الإهمال، أو ســوء التدبيــر، أو الغــش أو مخالفــة شــروط العقــد مــن طــرف المضــارب.

السّلَم

كل عقـد بمقتضـاه يعجـل أحـد المتعاقديـن، البنـك التشـاركي أو العميـل، مبلغـا محـددا للمتعاقـد الآخر الـذي يلتـزم مـن جانبـه بتسـليم مقـدار معيـن مـن بضاعـة مضبوطـة بصفـات محـددة فـي أجـل.

الاستصناع

كل عقــد يشــترى بــه شــيء ممــا يصنــع يلتــزم بموجبــه أحــد المتعاقديــن، البنــك التشــاركي أو العميــل، بتســليم مصنــوع بمــواد مــن عنــده، بأوصــاف معينــة يتفــق عليهـا وبثمـن محـدد يدفـع مـن طـرف المسـتصنع حسـب الكيفيـة المتفـق عليهـا بيـن الطرفيــن.

حسابات الاستثمار

وتعرف كذلك بالودائع الاستثمارية او حسابات المشاركة، وتختلف عن الحسابات الجارية وحسابات التوفير. يقوم الزبون من خلال هذه الحسابات بإيداع مبلغ مالي لدى البنك التشاركي، بغرض ان يستثمر البنك هذا المبلغ في أنشطة ومشاريع لا تخالف الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وتوزع الأرباح او الخسارة حسب الاتفاق المسبق بين الزبون والبنك.

التأمين التكافلي

التأمين التكافلي هو عملية تأمين تتم وفق الآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى، بهدف تغطية الاخطار الناجمة عن منتجات الأبناء التشاركية، وهو نظام إسلامي يقوم على مبدا التعاون والتكافل بين الافراد، حيث يساهم المشاركون بأقساط لتكوين مدخرات صندوق التامين التكافلي، وتخصص هذه المدخرات لتعويض المتضررين من المشتركين نتيجة حوادث او أخطار محددة في عقد التامين.
ويسير هذا الصندوق من طرف مقاولة للتأمين التكافلي مقابل أجرة محدد للتسيير، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يترتب عن نشاط التسيير قبض أو أداء أي فائدة.

الحكم الشرعي للبنوك التشاركية بالمغرب

بالرغم من ان المالية التشاركية في المغرب باتت تتطور شيئا فشيئا، الا ان الآراء حولها في الأوساط الشعبية ظلت متباينة، فهناك من يرى فيها بديلا حقيقيا ومتكاملا للبنوك التقليدية الربوية، وهناك من يعتبرها امتدادا لهذه البنوك ليس الا، وتحايلا على الشريعة بمسميات مختلة، كالمرابحة للأمر بالشراء.
ولحرص الناس على الالتزام بحدود الشريعة الإسلامية ومقاصدها، كثيرا ما تدور في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي نقاشات حول الحكم الشرعي للبنوك التشاركية، وهل أنشطتها وعملياتها سليمة من الناحية الشرعية ولا تشوبها أية مخالفة.
ان البحث في الحكم الشرعي للبنوك التشاركية بالمغرب يقتضي استحضار الخصوصيات الدينية التي تتمتع بها المملكة المغربية بكون الإفتاء الشرعي مهمة دستورية تقع على عاتق المجلس العلمي الأعلى، حيث احدث هذا الاخير اللجة الشرعية للمالية التشاركية لدراسة النوازل المتعلقة بالمالية التشاركية، وأسند اليها مهمة النظر في القوانين والمناشير وأنشطة البنوك والنوافذ التشاركية وعملياتها، واصدار الآراء بمطابقتها للشريعة الإسلامية.
وقد استطاعت اللجنة المذكورة ان تصدر نحو ثمانين رأيا بالمطابق للشريعة الإسلامية، نشر معظمها في الجريدة الرسمية، ونذكر من هذه الآراء على سبيل المثل:
• رأي اللجنة المالية الشرعية التشاركية (رقم 1) بشأن مشروع المنشور الصادر عن والي بنك المغرب المتعلق بتحديد المواصفات التقنية الخاصة بمنتجات التمويل التشاركي وكيفيات تقديمها إلى العملاء، الصادر بتاريخ 10 ربيع النبوي 1438 هـ (10 دجنبر 2016)، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6548 بتاريخ 3 جمادى الآخر (2 مارس 2017).
• رأي اللجنة الشرعية للمالية التشاركية (رقم 2) بشأن مشروع المنشور الصادر عن والي بنك المغرب المتعلق بتحديد شروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع الاستثمارية من قبل البنوك التشاركية وغيرها من مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ; الصادر بتاريخ 10 ربيع النبوي 1438 هـ (10 دجنبر 2016)، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 6548 بتاريخ 3 جمادى الآخر 1438(2 مارس 2017).
• رأي اللجنة الشرعية للمالية التشاركية (رقم 3) الصادر بتاريخ 10 ربيع النبوي 1438 هـ / 10 دجنبر 2016م بشأن مشروع المنشور الصادر عن والي بنك المغرب المتعلق بتحديد شروك وكيفيات مزاولة البنوك للأنشطة والعمليات التي تزاولها البنوك التشاركية.

حصيلة البنوك التشاركية في الاقتصاد المغربي

تطور عدد حسابات العملاء في البنوك التشاركية

تطور عدد حسابات العملاء في البنوك التشاركية
تقرير بنك المغرب حول الاشراف البنكي 2019، وجواب السيدة نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية حول سؤال كتابي في البرلمان، مارس 2023

حجم التمويلات الممنوحة

حسب بنك المغرب، بلغ حجم التمويل التشاركي الإجمالي سنة 2023، ما يقارب 21.3 مليار درهم، بزيادة تقدر ب 22.4 % مقارنة بسنة 2022، وتمثل المرابحة العقارية ما نسبته 80 % من هذا التمويل، بمبلغ 17.1 مليار درهم، ويمثل التجهيز 13.5 %، بينما يمثل الاستهلاك 6.1%.

التحديات التي تواجه البنوك التشاركية بالمغرب

رغم التوسع الذي حققته البنوك التشاركية بالمغرب طيل الثماني سنوات الأولى لانطلاقها، اذ وصل عدد الوكالات البنكية المفتوحة في ربوع المملكة الى ازيد من 200 وكالة بنكية بحلول سنة 2024، لا تزال هذه البنوك تواجه تحديات كبيرة لا يمكن اغفالها، و من بين هذه التحديات:
• ضعف الوعي المالي الإسلامي لدى فئات عريضة من المجتمع
• ضعف التسويق وغياب الحملات التوعوية حول المطابقة للشريعة الاسلامية
• المنافسة الشرسة مع الأبناك التقليدية
• محدودية المنتجات التمويلية وتركيزها على المرابحة بنسبة 80%
• ارتفاع الرسوم الإدارية والضرائب بالمقارنة مع البنوك التقليدية
• غياب السوق المالية الإسلامية، والأدوات المالية كالصكوك
• ضعف الموارد البشرية المؤهلة في مجال المالية التشاركية
• ضعف أنظمة المعلومات الرقمية وغيابها في بعض الاحيان

خاتمة

ان النجاح الذي عرفته البنوك التشاركية في المغرب، والصناعة المالية التشاركية على العموم، لا تقتصر أسبابه في أدوار الرقابة الشرعية التي يقوم بها المجلس العلمي الأعلى فحسب، او اجتهادات مجالس إدارة هذه البنوك، بل يرجع كذلك لكون المغاربة تواقون للشريعة الإسلامية، ولهذا يدعمون المالية التشاركية ويتعاطفون معها، باعتبارها منظومة أخلاقية تستمد مبادئها من الدين الإسلامي الحنيف، وعلى كل الفاعلين فيها، التحلي بالصفات النبيلة والاخلاق الحميدة.

المراجع:

• نور الدين قورار، د. عبد العزيز وصفي. التمويل التشاركي بالمغرب، المفهوم، النشأة، الأسس والمرتكزات. مجلة الدراسات الفقهية والقضائية مجلد 07، عدد: 01 (2021م) ص 125- 154.
• انوار بوهلال، سكينة الوات. البنوك التشاركية بالمغرب، من واقع الفراغ القانوني الى مرحلة التقنين - المجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية 2019 العدد 4 RERJ –N°4
• د. جواد عجوزي. دور التقنين في تنظيم عمل الهيئات الشرعية: اللجنة الشرعية للمالية التشاركية نموذجا. المجلة الدولية للدراسات الاقتصادية الإسلامية المتقدمة. المجلد 03 العدد 01، مارس 2023م.
• التقرير السنوي حول الإشراف البنكي – 2019 بنك المغرب
• القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 193-14-1. بتاريخ فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر 2014)
• الظهير الشريف رقم (1.03.300) المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية صادر في 2 ربيع الأول 1425، (22 أبريل 2004).
• الظهير شريف رقم (1.15.02) المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية الصادر في 28 ‏ من ربيع الأول 1436 (20 ‏يناير 2015).
• الفصل 41 من الدستور المغربي 2011.



شارك المقال مع اصدقائك

تعليقات